الأحد، يوليو ٠٨، ٢٠٠٧

"الخطاب الديني" و "الفكر الديني" ...

أتعجّب من كلّ من يقول أنّ مشكلة الإسلام اليوم هي "الخطاب الديني" بما فيه في الكثير من الأحيان من تشنّج وصراخ وعويل بل وهستيريا جماعية أيضا ... وعلى إقراري بأن هذه مشكلة قائمة وهناك أناس مثل عمرو خالد نجحوا في حلّها (وهو مشكور على ذلك) ... إلاّ أنّ ما قيمة الخطاب مهما كان جميلا وعذبا ومقدمّه "مودرن" ولبق ومن الممكن أيضا "روش" لو كان يدعونا لشرب لبن ثدي زميلاتنا في العمل حتّى يصبح تواجدنا معهم فيما ثالثه الشيطان (أي "خلوة" العمل!) شرعي!؟ ... طبعا أنا متأكّد أن هناك دراويش سيخرجون علينا ببحر من مبررات شرب لبن النساء من أوّل الفوائد الصحية، والمقاصد الصالحة الخفيّة (الّتي تعجز عقول السذج أمثالنا عن إدراكها إلاّ بمساعدة مشايخ "الوكسة") وربّما وصولا للإعجاز العلمي والطبّ القرآني والمدواة النبويةّ! ... وإن ألغيت عقلي واتّبعت أولي الأمر والعلماء المتفقّهين الّلذي لا يجوز لجاهل مثلي مناقشتهم في الدّرر الّتي يتحفوننا بها بين الحين والآخر، وإذا إتفقت مع الجهبذ الّذي أفتى لنا بهذه الفكرة الّتي - لا مؤاخذة - لا يعيبها سوى الخطاب الديني (!) فالنساء "على قفى من يشيل" كما نقول في مصر، والقدرة على الإدرار تمام والحمد للّه والنفس (المريضة!) مفيش أكثر منها! ولكن ماذا نفعل مع فتوى بول الرسول؟ فمن أين أحصل على هذا البول حتّى أتداوى من أمراضي البدنيّة والنفسية؟ ومات بن باز في السعودية وهو لازال يؤمن بأن الأرض مستوية وليست كروية ومن يقول بغير ذلك فهو كافر متبع لكقر وإلحاد الدول الغربية وفتنها وبعها المسماة أدلّة علمية (والعياذ بالله!) ... بس خدو بالكم المشكلة في "الخطاب" مش في "الأفكار"... يعنى لو قلنا الكلام الي فات ده بطريقة عمرو خالدية منافية لطريقتي التهكمية يمكن يقتنع الناس إن - لا مؤاخذة - الخرى يبقى مهلبية والبول عقاقير وأدوية!

إتّقوا الله فينا يا مشايخ هذا الزمن الأغبر ... إتّقوا الله يا دعاة الوهابية، إتّقوا الله يا أنبياء الجاهلية! وربّما من حسن (أو سوء!) حظّ عموم الناس أنّ الخطأ في هذه الفتاوي والأفكار جليّ كوضوح الشمس في النهار والمصيبة هو فيما ليس بهذا الوضوح وهو السواد الأعظم من فتاوي هذا الزمن من سموم وجهل وتخلّف تنفث ليل نهار عبر كلّ وسائل الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع ليل نهار في صورة مزايدات دينيّة وتمثيليّات أخلاقيّة في ظاهرها دعوى للفضيلة وفي باطنها رذيلة أشدّ وأضلّ سبيلا وأذكر هنا الدعوى المريضة للفصل التام بين الرجال والنساء (وهو ما يعتبره غلاة المشايخ المفهوم "الشامل" للحجاب) وهي مزايدة أخلاقيّة مبنيّة على فرضية الحيوانيّة المطلقة للرجل والمرأة وكأنّ غرائزنا لا يحكمها عقل ولا ضمير ونتيجتها الحتمية إرتفاع نسبة الشذوذ بدرجات غير طبيعية في مجتمعا "الفصل الكامل" وهي العاهة الّتي يدارونها ويمنعون أيّ مسح وإحصاء يقترب منها ... وقد يترتّب على عدم فصل الرجال عن النساء علاقات غير شرعية ولكن أيهما أفضل هذه العلاقات أم الشذوذ الذّي وصل في دول "الفصل الكامل" إلى نسبة 32% (تقديرية وقد تكون أكثر) بين الرجال! نعم وجود المرأة في حياة الرجل (والعكس) ولو بالمشاهدة والمشي في نفس الشارع هو جزأ أساسي من توازن الرجل (وكذلك المرأة) النفسي الّذي يقيه من الوقوع في الشذوذ والمزايدة الأخلاقية في إتّجاه الفصل ما هي إلاّ تكريس وتمكين للشذوذ الّذي على ما يبدوا صار البعض يستحسنه ويستلذّه ويحارب وباستخدام الدين حتّى يبقى على الأوضاع الّتي تكرّسه

المشكلة يا سادة هي أن فكرنا الديني مناف للعقل (الّذي عرفنا به الله) المشكلة أن فكرنا الديني متخلّف وعدواني بل ومريض ولا يخدم سوى مصالح من حوّلو الدين إلى بقرة يحلبونها فتنتج لهم ثروة وسلطة وسيطرة ومبررات لجرائمهم وتصرّفاتهم المريضة ... وسيأتي متحذلق ليدّعي أنني أرمي الدين بتهم مشينة ومسبّقا أقول أنّ هناك فرق كبير بين "الدين" (وهو بالآساس كلام الله - القرآن - وما صحّ من أحاديث الرسول - السنة) و"الفكر الديني" وهو كيف فسّر لنا جهابذتنا من المشايخ وعلى رأسهم الآن دعاة الوهابية هذ الدين، وأنا لا أنتقد هنا الدين وإنما أنتقد الفكر الديني الّذي إرتدّ ليس فقط إلى ما وراء عصر التنوير الّذي بدأه محمّد عبد ورفاعة الطهطاوي وإنّما إرتدّ إلى ما وراء عصر محمّد ابن عبد الله نفسه وهو رجل احترم العقل والعلم ولا تخلو معظم سور القرآن من عبارة "ان كنتم تعقلون" ومحمّد نفسه كان يقنع الناس بالعقل بوجود الله وبدينه وبقيمه ولو كان جائهم آمرا مهددا فقط (أطيعوا الله أو تحرقكم نار جهنم) ما اتبعه أحدا ومن يقرأ سيرته يعرف أنّه كان يجالس الغير مؤمنين يحاورهم ويحدثّهم ويأتيهم بالحجج والبراهين ليثبت صحّة ما يقول حتّى تنهار أمام عقله وحكمته أفكار معارضيه، ولم يفرض عليهم رأي ولم يجبر أحدا منهم على شيء بل كان أعداءه الأكثر قوّة همّا من يضطهدون من يتبعه وعلى الرّغم من ذلك كانت الناس تتّبعه وتستسيغ العذاب معه على نعيم خصومه لأنّ حجّته كانت الأرجح وحكمته كانت الأوقع وكان يفعل ما يقول ويقول ما يفعل على عكس مشاخ اليوم الّذين تفيض فتواهم بالجهل والتخلّف والمزايدة ويجهرون بدعوة الفضيلة نهارا ويغرقون في بحار من الرذيلة مساءا كلّ يوم تكشف صحيفة أو قناة إخباريّة "مآثرهم" الّتي لا نعلمها! ... لو أننا فكّرنا للحظة أن نسأل أنفسنا ماذا كان يفعل محمّد حتّى يدخل الناس في الإسلام لعرفنا أننا في ضلال مبين في حياتنا العادية الّتي تخلوا من أي إستخدام للعقل حتّى أننا صرنا نستفتي المشايخ حتّى في دخول الحمام وصرنا نفخر بأننا نفعل ذلك في كلّ كبيرة وصغير لنثبت أننا "متدينين" وهي مزايدة تعلّمناها بجدارة ... الدين لم يكن أبدا الإتّباع فقط ولقد خلق الله لنا عقولا حتّى بعد أن أنزل 3 أديان فماذا نفهم من ذلك؟ من المهمّ جدا أن نفهم أنّ ما فعله محمّد من 1400 عام نحن مازلنا بحاجوة إلى فعله، نحن بحاجة إلى التدبّر والتفكر وإعمال العقل حتّى في المسلّمات والثوابت لأنّنا يجب أن نفهمها وليس فقط أن نحفظها ... الكثير منّا صار مسلم بالوراثة ولا يصمد في مناقشة ساذجة مع علماني أو ملحد إذا ما طعن في إيمانه ... علينا جميعا أن نجاهد لإسترداد مكانة العقل في ثقافتنا الدينية والعربية وأن نكون متوازنين في إستخدامنا للنقل (أي النصوص المنقولة عن الله سبحانه وتعالى و الرسول صلّى الله عليه وسلم - القرآن والسنة) وحكمة العقل الّتي لا غنى عنها ... هذا ان كنتم لازلتم تعقلون.

هناك تعليق واحد:

Viral Mind يقول...

You're just an asshole faggot.

That's evident.